تعتبر الثقة بالنفس جزءاً من الشخصية, فبقدر ما نرغب أن يكون لها حضورها الاجتماعي وكمالها الذاتي, بقدر ماعلينا أن ننمي ونكون وجودها بمواصفات تؤكدها .
اسوق هذه كمقدمة لقصة روزا باركس " الثائرة" على قوانين التميز العنصري في أمريكا. في الأحداث: في مساء الأول من كانون الاول ( 1955 ) غادرت مقر عملها منهكة القوى وهي تتوق الى قسط راحة بعد يوم عمل شاق , ماهي إلا لحظات ويصل الباص , كان عليها ووفق التعلميات أن تصعد من الباب الأمامي لأخذ التذكرة ثم تعود وتنزل منه لتدخل من الباب الخلفي المخصص للسود من أبناء المهاجرين من القارة الأفريقية .. لكن الباص كان مزدحماً في الأماكن المخصصة للسود فاتخذت لها مكانا من المقاعد الأمامية , ليأمرها السائق بعد ذلك بترك مقعدها لرجل أبيض فرفضت , فهددها بإبلاغ الشرطة فلم تأبه, وزاد اصرارها على موقفها فاعتقلت .
أمضت "روزا" تلك الليلة في السجن بتهمة تجاوز القانون, ثم خُلي سبيلها بكفالة , لكن عند خروجها شاع خبر اعتقالها بسبب التمييز , واتحد السود الأمريكين لرفض معاملتهم كمواطنين من الدرجة الثانية , كان لحادثة الباص أن أطلقت موجة احتجاج شعبي عارم على قوانين التمييز العنصري في الولايات المتحدة الأمريكية , وتبنّت جمعية "مونتغمري" الاجتماعية نضال السود الأمريكين , وكان أول الغيث مقاطعة نحو 70% من الركاب السود لباصات المدينة.
وبعد 381 يوماً من الأحتجاج الشعبي أصدرت المحكمة العليا الأمريكية حكماً قضى باعتبار التميز في مقاعد باصات مونتغمري غير دستوري .
لم يتقبل المجتمع الأمريكي القرار القضائي بسهولة, فتلقت باركس تهديدات متكررة بالقتل, فكان ان انتقلت الى العيش في "دترويت" حيث أسست هناك جمعية ترعى برامج خاصة للمراهقين يطلق عليها "طريق الحرية" يجول خلالها المراهقون في كافة الولايات المتحدة لنشر تفاصيل تحركهم المطلبي في الحصول على حقوقهم المدنية . ونتيجة لجهودها منحها الرئيس الأمريكي "بيل كلينتون" 1996 الميدالية الرئاسية للحرية وهو أرفع تكريم امريكي يخصص للمدنين .
.. لم تكن حادثة الباص أول تمرد لروزا الخياطة المتواضعة , المتمردة على الظلم الأجتماعي والقانوني , بل تضامنت مع أبناء ملتها بعدم صعود المقاعد المخصصة للسود , والذهاب مشياً الى مقر العمل تفادياً لركوب الباص, او دخول الأماكن والمطاعم التي تشير الى التمييز , ومازال التزام باركس من أجل التناغم بين الأعرقا حياً حتى اليوم ( 2004 ) فحياتها كانت حافلة بالأسفار واللقاءات مع زعماء العالم , كرمت أكثر من مرة ولم تفقد تواضعها إذ سئلت عن ردة فعلها إزاء تسميتها " والدة تحرك الحقوق المدنية " أجابت بكثير من الفخر : " ينظر اليّ الناس على هذا النحو هو شرف أقبله و أقدره " .
-------------------
هكذا تٌطلب الحرية !!سجن وعذاب ومشي لأكثر من عام كامل على الاقدام وتهديد بالقتل من أجل ماذا !؟
من أجل الحرية , من أجل الوصول الى الهدف , ومن أجل الرقي والسمو ...
ما أود قوله فعلاً .. كم هي قوة التحمل وقوة الإرادة للوصول الى الهدف واشيد بروعة صبرها واستحملها للاذى وقد نالت في النهاية مرادها :) كم هو رائع ذلك الشعور :
ومـانـيـل المطـالب بالتـمـنيّ ولكـن تُـؤخـذ الـدنيا غِـلابا
اتمنى من كل قلبي ان يصل كلٌ منا الى هدفه ومراده , وبهذا سأكمل غداً باذن الله كيف تكون شجاعاً لتمتلك الإرادة التي تدفعك لتحقيق الهدف .
يتبع ,,